الثلاثاء، 21 يونيو 2011

اللغة والمجتمع

المقدمة

نرى أن اللغة تيسر سبل العيش في المجتمع ، و بها يتبين لنا لما نحن خلقنا في هذه الدنيا ؟
حيث أننا نفهم من كتاب الله سبحانه وتعالى (القرآن الكريم) الذي يتكلم باللغة العربية بأننا خلقنا لعبادته ، ونبتعد عن كل ما يغضب الله سبحانه ، ويبين لنا طريق الإسلام الذي يخرج الناس من الظلمات إلى النور ، وذلك كله بفضله سبحانه وتعالى ثم اللغة ، ولهذا يتبين لنا أهمية هذه اللغة كأهمية أساسية ومهمة في المجتمع وفي حياتنا عامة..
صلة اللغة بالمجتمع:-
اللغة تتصل بالمجتمع صلة وثيقة ، فإن اللغة هي الأساس الذي يعبر عنه المجتمع ، فلولا وجود اللغة لما كان هنالك تبادل الأفكار والحوار وتلبية الاحتياجات للأفراد والمجتمع..
واللغة تختلف من بيئة إلى أخرى ، فليس كل الناس يتكلمون بنفس اللغة ، مثلا:-
العرب يتكلمون العربية ، أمريكا تتكلم الانجليزي ، وهكذا ..
أيضا تختلف اللغة بعوامل الفروق بين الأفراد فهناك عامل السن وعامل المهنة وعامل الجنس ، لذلك هي تحت تأثير عوامل متشابكة ونتيجة لذلك ظهرت لهجات عديدة للغة واحدة وفرع علم اللغة الذي يبحث في هذه الجوانب علم اللغة الاجتماعي ..
من عوامل ظهور ظهور اللهجات في اللغة :-
* اللهجات الجغرافية (الإقليمية): كلما زادت المسافات بين أهل لغة ما زادت عدد اللهجات في تلك اللغة..
مثلا :- في المملكة العربية السعودية في المنطقة الوسطى (الرياض) والمنطقة الغربية (جدة ، مكة المكرمة ، الطائف ..) تختلف اللهجة في هذه المنطقتين مع أن اللغة واحدة وهي العربية ، وهكذا ..
وأيضا يؤثر الإقليم على اللغة بالتماس كل إقليم مع أقاليم مختلفة كسكان العراق مع اللغة الفارسية والكردية والتركية..
من عوامل نشوء لهجات جغرافية :-
1- عامل الانعزال الجغرافي : إذا نشأ حاجز جغرافي بين الإقليمين يتكلمان اللغة ذاتها ، فإن الحاجز الجغرافي يعيق الاتصال البشري أو يقلل منه ، مثل : الصحاري والجبال الشاهقة التضاريس عامة ..
2- عامل الانعزال السياسي : نتيجة الحدود السياسية التي بين الإقليمين يتكلمان اللغة ذاتها ونتيجة فرض قيود على انتقال السكان عبر الحدود لحقبة زمنية طويلة ..
• اللهجات الاجتماعية : هنالك فروق بين الناس من حيث المستوى الاجتماعي اقتصاديا وثقافيا ، وهذه الفروق بين المستويات تبين لنا بمجرد كلام أو لهجة الشخص ثقافته ومستواه الاجتماعي..
• اللهجات الفردية : مهما كان الفرد متشابه مع فرد آخر في التصرفات والتعامل فلا بد من أسلوب حديث يختلف عن الآخر فلكل شخص أسلوب يميزه عن الآخر ..
• اللهجات العرقية : تنتج عن طريق عيش سكان مدينة في مدينة أخرى لفترة طويلة فإنها تمزج اللغتين اللغة الأصلية واللغة التي يستعملها أهل المدينة المقيمين بها ، مثل : الهنود في أمريكا يتكلمون بلهجة تسمى ( الإنجليزية الهندية )..
• اللهجات المهنية : لكل مهنة مصطلحات خاصة بها ، كالمهندس يستعمل مصطلحات وكلمات تختلف عن الطبيب لأنها لا تخص مهنة الطب ..
• اللهجات العمرية : تختلف لهجة الطفل عن لهجة البالغ وعن لهجة المسن ، وأيضا تختلف اللهجات في مراحل نمو الطفل في البداية يتصارع مع اللغة المراد تعلمها صراعا كبيرا صوتا وصرفا ونحوا ومفردات ومعاني ..
• اللهجات الجنسية : تختلف لهجة النساء عن لهجة الرجال ، وذلك بأن النساء يستخدمون الأسلوب الناعم في الحديث أما الرجال ففي حديثهم بعض الخشونة ..
• اللهجات الزمانية : تتأثر أيضا اللغة باختلاف الأزمان ، فكلما مر الزمن كلما اختلفت بعض المصطلحات ومنها ما يدخل من مصطلحات جديدة ومصطلحات قد تباد وهي اللهجات أو المصطلحات البائدة التي هي لم تستعمل كثيرا أو التي اختفت اختفاء كليا ..
• اللهجات الريفية والمدينية : في كل منطقة يوجد سكان مدن وسكان ريف فلكل منهم لهجة خاصة بهم ..
• اللهجات العامية : اللهجة العامية هي اللهجة الدارجة في كل لغة وتسمى أيضا بالله اليومية ؛ لأنها تستعمل يوميا في تلبية رغبات وحاجات الافراد والمجتمع وتفاهمهم مع بعضهم ، وتمتاز هذه اللهجة بالمصطلحات والكلمات البسيطة ..
• اللهجة الفصيحة : هي لغة الأدب والعلم والتعليم ، وتمتاز بخلوها من الألفاظ العامية والسوقية المبتذلة ..
• الفروق بين اللهجات :-
1- الفروق الصوتية : تختلف اللهجات عن بعضها في مجالات الفونيمات ، ومن المعروف أن الفونيمات تنقسم إلى قسمين :-
أ‌- فونيمات ثابتة لا تتغير من لهجة إلى أخرى : / م ، ب ، س / في اللغة العربية ..
ب‌- فونيمات متقلبة تتغير من لهجة إلى أخرى : / ق ، ث ، جـ ، ذ / في اللغة العربية ..
2- الفروق النحوية : تكون في المجال النحوي ، وتزداد هذه الاختلافات بين اللهجات العامية للغة واحدة ، كما تظهر بوضوح بين اللهجة العامية واللهجة الفصيحة في اللغة العربية ..
3- الفروق المفرداتية : بعض اللهجات تستخدم كلمات ليست مستعملة في لهجات أخرى ، ففي الفصيحة نقول " ذهب " وفي العامية يقال :" راح " وهكذا..
• المحظورات اللغوية :-
هي الكلمات أو المصطلحات المبتذلة في أي لغة ، التي لا تصح القول بها و لا يليق بالمرء أن يقولها ، لأن اللغة سلوك لفظي كما أن للأفعال سلوك حركي ..
• أنماط اللغة :-
بما أن هناك حروب وغزوات وهجرات من المدن لا شك أنها نتجت في اللغة صراعات قوية ومؤثرة ، حيث أن الحروب قد تنوي غزو لغوي ليس فقط غزو استعمار ومصالح ، ويعتبر الغزو الفكري أقوى غزو تواجهه لغة ما .. مثلا : المغرب واجهها الاستعمار الفرنسي حيث أنه أثر في لغته وأصبحوا يتكلمون الفرنسية بدلا من اللغة العربية ، لأن هدفهم محو الهوية اللغوية أي محوا تاما للغة ..
من أنماط اللغة : -
1- اللغة الحية : هي المصطلحات التي لا تزال تستعمل إلى الآن ..
2- اللغة البائدة : هي المصطلحات والكلمات التي اندثرت عبر مرور الزمن ..
3- اللغة نصف الحية : هي اللغة التي لا تستعمل في الحياة اليومية ولم تندثر اندثارا كليا ، لكن تستعمل في نطاق ضيق .. مثل : اللغة اللاتينية فقط تستعمل في بعض شعائر الكنيسة ..
4- اللغة الأولى : أول لغة يسمعها الطفل في حياته ..
5- اللغة الثانية : هي اللغة التي يتعلمها المرء بعد لغته الأولى ، وهي التي  تستخدم خارج نطاق المنزل ..
6- اللغة الأجنبية : هي اللغة التي يتعلمها المرء بعد لغته الأولى في غير موطن اللغة الأجنبية ، فالعربي الذي يتعلم الإنجليزية في البلاد العربية فهي لغة أجنبية ..
7- لغة التفكير : قد يعرف شخص ما عدة لغات بدرجات متفاوتة من الإتقان ، ولكنه إذا جلس وحيدا يفكر باللغة التي تناسبه ..
8- لغة التعليم : هي اللغة التي تفرضها الدولة للتعليم .. مثلا : اللغة العربية الفصحى في الدراسة في وطننا العربي ، وينبغي أن تكون لغة موحدة لدى الأبناء..
9- اللغة المشتركة : في كثير من البلدان الشاسعة توجد في العادة عدة أقليات وعدة شعوب لكل منها لغته الخاصة ، ولكن الإرادة السياسية وحاجات التفاهم تفرض وجود لغة مشتركة يتم بها التخاطب اليومي والتوجيه .. مثلا : في الولايات المتحدة الأمريكية مئات الأقليات ولكن الإنجليزية هي لغتها المشتركة..
10- اللغة الرسمية : في بعض البلدان التي تكثر فيها اللغات المحلية تضطر الحكومة إلى اختيار لغة من بين اللغات المحلية أو من خارجها لتكون اللغة الرسمية للدولة ، أي لغة دواوين الحكومة ووزاراتها ووثائقها وسجلاتها ومراسلاتها ..
11-  اللغة النقية واللغة المولدة : هي اللغات المولدة أو الهجين تعتمد على بناء المفردات اعتمادا كبيرا على سواها .. مثل : الإنجليزية فهي خليط من الإنجليزية الوسطى والفرنسية اللاتينية ، واللغات النقية مثل : اللغة العربية لكنها ليست نقية تماما..
12- اللغة المحلية : هي اللغات التي لا تخرج عن حدود شعبها مثل : الألبانية فهي غير معروفة خارج ألبانيا..
13- اللغة العالمية : هي اللغات التي تكون خارج حدود أهلها .. مثلا : الإنجليزية فهي منتشرة في العالم كله..
14- اللغة الحالة والمزاحة : تتكون هذه اللغات بسبب الحروب والاستعمار إذ أن لغة الحالة هي اللغة الدخيلة على المنطقة المحلية أو المراد استعمارها وحربها ، أما المزاحة فهي لغة المنطقة المستعمرة لأنها تزاح وتنمحي منها ..
• أدوار المتحادثين :-
• كما أشرنا سابقا أن لكل فرد لهجة خاصة وفريدة ومميزة له ، تميزه عن الآخرين ، وبذلك نتضح بأن لهجة الفرد تختلف بحسب منزلة الذي يخاطبه فإنه لا يتحدث مع أباه كما يتحدث مع صاحبه و أيضا نقول بأنها ترتبط بالعلاقة .. مثلا : إذا كان لديه صاحب في منزلة أخاه فإنه لا يخاطبه كما يخاطب زميله لأن العلاقة مع زميله علاقة سطحية ..
• وهناك أدوار أخرى تؤثر في المتحادثين منها :-
1- الموضوع : إن موضوع المحادثة يتأثر تأثرا بالغا بنوع العلاقة بين المتحادثين ..
2- علو الصوت : تكون درجة علو الصوت مع الصديق أو الصاحب مختلفة عن الرئيس أو الأب ..
3- مسافة التخاطب : كلما زادت مسافة التخاطب كلما زادت  رسمية العلاقة .. مثلا : مسافة التخاطب مع الزوجة والولد هي أدنى من مسافة تخاطب الرئيس والمدير ..
• تفاعل اللغات :-
عندما تتفاعل لغتان عند شخص واحد ففي كثير من الأحيان تتداخل اللغتان فتؤثر إحداهما في الأخرى تأثيرا يتباين من شخص لآخر ، تتدخل أصوات اللغة الأولى في أصوات اللغة الثانية ويتدخل صرف اللغة الأولى في صرف اللغة الثانية وهكذا يحصل التدخل المتبادل والتداخل يحدث في عقل المتكلم ويظهر في أدائه اللغوي ، وعندما تتداخل اللغة الأولى واللغة الثانية في عقول ملايين المتكلمين فإن اللغة الثالثة تكون على وشك الظهور..
وعندما تتجاوز لهجتان للغة واحدة تتفاعل اللهجتان وتؤثر كل منهما في الأخرى وتكون النتيجة لهذا التفاعل ظهور أيضا اللهجة الثالثة ، والمقصود بتجاور اللهجات ليس التجاور على الخريطة ، بل احتكاك الناس على جانبي الحدود ، قد يكون هناك تجاور خريطي دون احتكاك حقيقي بسبب عوائق طبيعية أو سياسية ..
• الثنائية اللغوية والمجتمع :-
في بعض المجتمعات ، يعرف معظم الأفراد لغتين ويستخدمونها في حياتهم اليومية ، فيقال إن هذا المجتمع ذو ثنائية لغوية ، وإذا استخدم المجتمع أكثر من لغتين ، يقال إنه ذو تعددية لغوية ..
الثنائية المجتمعية تكون من ثلاث أنماط:-
1- ثنائية أفقية : أن تكون اللغتان متساويتين في المكانة رسميا وثقافيا واجتماعيا..
2- ثنائية رأسية : أن تكون لهجة فصيحة وأخرى عامية ..
3- ثنائية قطرية :  أن يستخدم المجتمع لغة فصيحة ولهجة عامية من لغة أخرى ،مثل : الإنجليزية والفرنسية العامية في لويزيانا في الولايات المتحدة الأمريكية..
• الثنائية اللغوية وتوزيع الاستعمال ( الثنائية التكاملية ):-
يخصص لكل لغة أدوار معينة ..
أمثلة :-
1- ثنائية مكانية : يقوم الفرد باستخدام اللغة الأولى في البيت واللغة الثانية خارجه..
2- تكاملية موضوعية : يقوم الفرد باستخدام اللغة الأولى في الحديث عن موضوعات معينة واللغة الثانية مع موضوعات أخرى ..
3- تكاملية بشرية : استخدام اللغة الأولى مع أهل المنزل واللغة الثانية مع سواهم ..
وفي بعض الحالات لا تكون الثنائية تكاملية ، بل تبادلية :-
1- ثنائية منزلية : هنا تستخدم الأسرة لغتين ، قد يستخدم كل فرد في الأسرة اللغة الأولى واللغة الثانية ، أو يستخدم بعضهم اللغة الأولى وبعضهم الثانية..
2- ثنائية مدرسية أو تعليمية : بعض المدارس ، لأسباب مختلفة ، تستخدم لغتين في التعليم..
3- ثنائية إعلامية : لإرضاء الأقليات جميعا ، بعض المجتمعات تجعل جميع وسائل الإعلام بلغتين..
4- ثنائية رسمية : لإرضاء جميع الأقليات ومنعا للصراعات اللغوية والمجتمعية ..
5- ثنائية عملية : بسبب وجود خليط من العمال في مكان العمل ، بحيث يختار العمال أو الموظفون إحدى اللغتين لتكون لغة مشتركة بينهم ..
6- ثنائية شرعية : تسمع الناس يستخدمون اللغة الأولى واللغة الثانية في الشارع والمقاهي والحوانيت والنوادي ..
• الثنائية اللغوية :-
أن اللغة ترتبط بالفكر والثقافة والقيم والعادات ، لذلك تؤثر فيها وفي الثقافة خاصة ، ونقول (في بعض الحالات) يكون اختلاف الثقافتين قليلا رغم اختلاف اللغتين ، مثل الفرنسية والإنجليزية ..
• اتجاهات الثنائية اللغوية المجتمعية :-
وهي معرفة اللغة باتجاه واحد حيث أنهم يهملون لغة الأقلية ويهتمون بلغة الأكثرية وغيرهم في نفس المنطقة لا يعرفون إلا لغة الأكثرية ..
• الاختيار اللغوي :-
عندما تسود لغتين في بلد واحد يصعب اختيار لغة واحدة .. وهناك  عوامل تؤثر في الاختيار اللغوي :-
قدرة المتكلم – قدرة المستمع – العمر – المكانة الاجتماعية – درجة العلاقة ( تكون بمستوى علاقة الأفراد بعضهم وتفاوتها من حين لآخر) – العلاقة العرقية – الضغط الخارجي ( حيث أن أهلها يستخدمونها داخل المنازل فقط ) – المكان..
• التحول اللغوي :-
أي يتحول المتكلم إلى لغة أخرى غير التي بدأ بها محادثته ، ثم قد يعود إلى اللغة التي بدأ بها أو لا يعود ..
وللتحول اللغوي أسباب عديدة :-
1- إبراز المهارة : قد يتحول المتكلم إلى لغة أخرى ليري سامعيه مدى مهارته اللغوية وأنه يتقن أكثر من لغة واحدة ..
2- الحاجة : قد لا يستطيع أن يعبر عن مفهوم ما باللغة س فيتحول إلى اللغة ص اضطراريا..
3- الاقتباس : قد يتحول المتكلم إلى لغة أخرى من أجل اقتباس مثل أو حكمة من لغة أخرى ، فيقتبس ثم  يعود إلى لغة البداية ..
4- تحديد المخاطب..
5- الانتماء ..
6- تغيير نغمة التخاطب ..
7- السرية ..
وللتحول قوانين يمكن تتبعها واستنباطها ، إذ لا يقع التحول اعتباطيا ، بل له مواقعه ..
وقد يكون التحول داخل حدود الجملة أو يكون خارج هذه الحدود ..
كما أن ما ينطبق على التحول من لغة إلى أخرى ( التحول اللغوي ) ينطبق على التحول من لهجة إلى أخرى ( التحول اللهجي ) ..
وبذلك انتهينا بفضل من الله سبحانه من كتابة هذه المدونة أرجو أن تنال إعجابكم  وشكرا لكل من قرأها واستفاد منها وصلى الله على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد..